علم النفس الجنائي
- د. عبدالله بن أحمد الوايلي
- Jun 17, 2021
- 4 min read

علم النفس الجنائي هو العلم الذي يشارك غيره من العلوم في تأهيل وإصلاح الجاني حيث يقوم بدراسة أسباب السلوك الإجرامي ، ويحاول عزل وفصل وفهم تفاعل العوامل الخاصة التي تؤدي ببعض الناس إلى إرتكاب الجريمة من أجل الوصول إلى قوانين أو مبادئ عامة عن أنماط أسباب السلوك المضاد للمجتمع ، فهو يركز على مكافحة الجريمة وحماية أسباب الأمن الاجتماعي .
هذا وقد بدأ الإهتمام بعلم النفس الجنائي في أواخر القرن(19) عندما ظهرت عدة دراسات وتجارب كان لها الدور البارز في وجود هذا التخصص الدقيق والرائع.
فهو العلم الذي ينادي بالعقلانية وضبط النفس (عندما تضبط إنفعالاتك فإنك تتمتع بحياتك) فإن هذا العلم يختص ويتميز عن بين بقية فروع علم النفس الرائعة المتعددة والمختلفة بأنه علم يعالج ويدافع وينصح ويوجه الإنسان بشكل عام وبشكل خاص حيث يسعى إلى تطبيق علم النفس وقوانينه في دراسة أسباب السلوك الإجرامي وتقديم الخبرة النفسية للأطراف المعنية بالتحقيق والقضاء أي أنه يجمع بين قطبين علم النفس وعلم القانون فيوحد بينهما من أجل وضع قواعد للسلوك الإنساني الاجتماعي .
ويهدف علم النفس الجنائي بشكل رئيس إلى إقامة خط إتصال بين القانون من جهة وعلم النفس من جهة أخرى للإجابة على تساؤلات رئيسية وهي(س:إذا كانت القوانين الاجتماعية حصن للدولة وسلطان للمجتمع لماذا يخرق الناس القانون؟وكيف نتعامل معهم؟وماهي الوسائل لإعادتهم للحضن الاجتماعي).
بالإصافة إلى تساؤلات أُخرى فرعية ومنها(س:ماهي الوسائل لإعادتهم للحضن الاجتماعي إن أرادوا ذلك؟وماهي أساليب العقاب إن رفضوا القانون المجتمعي؟وماهي الطرق الناجعة لإحتوائهم)؟!!!
ومن هنا تتضح ماهية علم النفس الجنائي وطبيعته من كونه أحد فروع علم النفس العام حيث يهتم بتطبيق المعارف والعلوم والنظريات النفسية في المجالات الجنائية من خلال عدة أمور منها:
1. تفسير السلوك الإجرامي للإنسان.
2. دراسة الشهادة القضائية.
3. تحديد المسؤولية الجنائية(للمجرم).
4. تقييم العوامل النفسية.
ومن هذا المنطلق فإن أهداف علم النفس الجنائي
تتركز على تحديد الأسباب النفسية والاجتماعية والعقلية المؤدية لإرتكاب السلوك الإجرامي،بالإضافة للمساعدة في إجراءات التحقيق والقضاء والتحقق من الأدلة النفسية وشهادة الشهود،وكذلك العمل على إعادة تأهيل وإصلاح المجرمين ليكونوا أعضاء نافعين بالمجتمع .
ولا مشاحة من القول بأن علم النفس بشكل عام يتمثل في صورة رب الأسرة وأولاده من الفروع المتعددة والمختلفة التي تساند بعضها البعض حتى وصلت للإنفجار العلمي ، وما علم النفس الجنائي سوى إحدى هذه الفروع المتعملقة بالفضاء العلمي في مجال السلوك الإنساني الإجرامي الذي يدرس المجرم عبر كل جوانب شخصيته ، وأن علاقة علم النفس الجنائي بالعلوم النفسية والعلوم الأخرى واضحة بشكل كبير جداً حيث تظهر في بعض التسميات المرادفة له كعلم النفس القضائي وعلم النفس المجرم وعلم الاجتماع الجنائي والقانون الجنائي ، بالإضافة إلى علاقته المباشرة والوثيقة جداً بعلم النفس العيادي وعلم النفس النمو وعلم النفس التعلم وعلم النفس الاجتماعي والفيزيولوجي وعلم النفس التحليلي على الرغم من إختلاف الإهتمامات في كل فرع .
ومن خلال ما سبق فإنه يتضح بأن إهتمامات علم النفس الجنائي كثيرة ومتعددة حيث يهتم بإكتشاف الجريمة وتحديد المجرم على أساس علمي إنساني يحقق العدالة والرحمة ، ويهتم بدراسة السلوك الإجرامي من حيث أسبابه ودوافعه الشعورية واللا شعورية مما يساعد على فهم شخصية المجرم ووضع العقاب والعلاج المناسب كما يهتم بدراسة الظروف والعوامل الموضوعية المهيئة للجريمة والتي تساعد عليها ، كما يهتم أيضاً بتصنيف المجرمين طبقا لأعمارهم وجرائمهم وحالاتهم النفسية والعقلية بقصد تحديد أنواع الرعاية والإصلاح بالنسبة لكل منهم ، ومن إهتماماته أيضاً دراسة شخصية الشهود ورجال القضاء ومنفذي القانون ، وأخيراً فإنه يهتم بتتبع المجرم في الدراسة والرعاية بعد انتهاء مدة العقوبة حتى لا يعود للجريمة مرة أخرى.
ومن هنا نستطيع القول بأن وظائف علم النفس الجنائي كثيرة ومتعددة وأنها تساعد الأخصائي النفسي على التنوع والجودة في ممارسة تخصصه الدقيق وبشكل إنسيابي ومترابط حيث تتركز تلك الوظائف في
1. جمع المعلومات التاريخية والشخصية عن المتهمين أو المجرمين وأُسرهم.
2. تقديم الإستشارات للمشرعين.
3. تشخيص وعلاج المجرمين .
4. دراسة الحالة وتطبيق المقاييس .
ولا جرم من القول بأن ما سبق يقودنا إلى معرفة مهارات الأخصائي النفسي الجنائي وأنها تكمن في(القدرة على جمع المعلومات وتطبيق المقابلة العيادية كما يجب وتطبيق المقاييس النفسية المختلفة والإجراءات اللازمة في معايير التقييم والتشخيص والعلاج وبالتالي القدرة على التعامل مع المتهمين والمنحرفين وأصحاب السلوك الإجرامي من الجنسين).
حيث أن الأخصائي النفسي الجنائي يتميز في كونه محترف في دراسة السلوك الإجرامي من خلال إستكشاف ومعرفة أفكار ومشاعر وسلوك المجرم بل كل من لهم علاقة بالقضية الإجرامية كالقاضي والشهود والمدعي والمدعي العام .
حيث أن الأخصائي النفسي الجنائي له دور رئيسي يقوم به في المجال الجنائي ضمن مهام وظيفية مختلفة تتركز في أهم العمليات وهي:
1. البحث.
2. التشخيص.
3. العلاج.
فالمتخصص في علم النفس الجنائي يعلم بأن هناك مايسمى(بالعقد الاجتماعي)والذي يجب أن يعلمه ويدركه أفراد المجتمع من المتخصصين والمثقفين والعامة وهو عقد غير مكتوب بين المجتمع وأفراده ويتضمن تأمين المجتمع لإحتياجات الفرد وأمنه ، وأنه في هذا العقد الاجتماعي يلتزم الفرد بإحترام أنظمة وقوانين وأعراف المجتمع حيث يجب عليه العمل بإخلاص لبناء وتطوير مجتمعه بما لديه من إمكانيات وقدرات ، وعلى ذلك فإن أساس(العقد الاجتماعي) في علم النفس الجنائي يكون بين المجتمع وأفراده قائما على تبادل المنافع والمصالح ويجب أن يلتزم كلا بدوره تجاه الآخر لأن إحترام النظام الاجتماعي والقوانين بعلم النفس الجنائي من مكونات الشخصية السوية حيث يهدف الأخصائي الجنائي لمحافظة المجتمع ع بنيته وهيكله حيث أن الجريمة تعد شكل من أشكال الإخلال(بالعقد الاجتماعي)بين الفرد والمجتمع أي أن مخالفة الفرد للعقد الغير مكتوب(جريمة تستوجب العقوبة)؟!
ومن هذا المنطلق فإن الجريمة تتحقق في علم النفس الجنائي بإرتكاب أحد الأفراد فعل مخالف للقوانين أو الإمتناع عن تأدية واجب مجتمعي؟!وهو ما يوضح معنى الدافعية بإعتبار الكيف أي :
1. الشريفة : وتتمثل في السلوك الإنساني الإيجابي والنبيل والأخلاق الحميدة كالصدق والكرم والوفاء والصبر والشجاعة وغيرها .
2. غير الشريفة : وتتضح في السلوك الإنساني السلبي كالكذب والإحتيال والنفاق والبخل وغيرها .
وأخيراً فإن ما سبق يوضح ماهية وطبيعة وأهمية علم النفس الجنائي كعلم حيوي وبارز ومستقل بذاته بل أنه العمود الفقري في دراسة السلوك الإجرامي وأن العمل به أصبح ضرورة ملحة في جميع الجوانب خاصة القانونية والقضائية والمؤسسات الإصلاحية كما أن الأخصائي النفسي وخاصة الجنائي ملزم بمراعاة قانون المجتمع وتقاليده والقيم السائدة فيه وعليه الظهور بشكل لائق والإبتعاد عن الشبهات والتعصب لجماعة ما قد تؤثر على طبيعة عمله.
.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..



Comments