تعريف موجز بعلم النفس
- د. فهد بن عبدالله الدليم
- Jun 10, 2021
- 4 min read

يعتبر علم النفس أحد العلوم الإنسانية الأساسية، ويهتم هذا العلم بدراسة حالة الفرد من مختلف الجوانب و الأبعاد، لكن يتفق معظم المختصين على ثلاثة مكونات رئيسة لشخصية الإنسان
- تتضمن طبعاً عدداً كبيراً من الأجزاء أو العناصر- و هي:
1 - المكون الفكري أو العقلي .
2 – المكون الانفعالي أو الوجداني، العاطفي .
3 – المكون السلوكي.
إذن يمكن القول أن علم النفس يهتم بدراسة العقل بمختلف عملياته كالتفكير و الإدراك و الوعي و الانتباه، كما يدرس الحالة الإنفعالية كالمزاج و الوجدان و العاطفة، و كذلك
يدرس السلوك الانساني و شخصية الفرد دراسة علمية و منهجية في مختلف البيئات و
تحت مختلف الظروف و المواقف الحياتية.
لكن متى ظهر هذا العلم و كيف كانت بداياته ؟
يتفق كثيرون على أن بداية علم النفس الحقيقية و نموه الفعلي وتحدد هويته العلمية جاء عبر ست مراحل تاريخية و اتجاهات فلسفية و نظرية بدأت مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر ويمكن إجمالها فيما يلي:
1 – مرحلة ظهور علم النفس التجريبي على يد رائده العالم الفسيوجي الألماني و ليام فوندت الذي أسس أول مختبر تجريبي يدرس العمليات الفسيولجية النفسية و العصبية و الحسية .
2 و امتداداً لجهود فوندت؛ ساهم أحد طلبته اللامعين:
إدوارد تتشنر البريطاني في التعريف بعلم النفس بإسهاماته الرائدة في تطوير المنهج أو الحركة البنيوية خصوصا بعد انتقاله لأمريكا وعمله على دراسة الخبرات و العمليات العقلية و الحسية و الشعورية و الاستبطانية.
3 – مرحلة المدرسة الوظيفية.
و التي كان الامريكي وليم جيمس رائدها الأول، و تعارضت أطروحاته و فرضياته مع الكثير من مسلمات المدرسة السابقه" البنيوية" كقوله و تأكيده على أهمية دراسة وظائف العمليات العقلية و تطبيق المعلومات ذات الصبغة النفسية في المجالات التربوية و الصحية و الاجتماعية.
4 – مرحلة الاتجاه التحليلي بزعامة الطبيب النمساوي سيغموند فرويد و التي كان لمسلماتها النظرية و تطبيقاتها العملية أو السريرية أصداء كبيرة و واسعة، لفتت أنظار العلماء و حتى العامة لهذا العلم الجديد مما زاد في بروزه و تطور هويته . لقد قدمت النظريه التحليلية الفرويدية مفاهيم عديدة تناقلها الناس و شاعت في أوساطهم مثل:
اللاشعور و ميكانزمات الدفاع كالكبت و الاسقاط و التبرير ... و مصطلحات مثل الأنا الأعلى و اللبيدو و عقدة أوديب، علاوة على أساليب تشخيص مثل التداعي الحر و تأويل الأحلام و التنويم المغناطيسي و المقاومة .
5 – مرحلة الاتجاه السلوكي، و التي ظهرت في رأي الكثيرين كردة فعل على غالبية مسلمات الاتجاه التحليلي الفرويدي، ويرجع الفضل إلى الامريكي جون واطسون، و الذي لم يقتنع بآراء المدرستين البنيوية و الوظيفية و لا حتى إعتقادات المدرسة التحليلية لا لشيء إلا لأنها مفاهيم يصعب إختبارها و إخضاعها للمنهج العلمي الإمبيريقي الصارم ، كما في العلوم الطبيعية ، و زاد على ذلك مع زملائه السابقين و أتباعه اللاحقين مثل بافلوف و ثورندايك وسكنر و هل و بندورا....الخ بالتأكيد على دور العوامل و المؤثرات البيئية الإجتماعية و الثقافيه الرئيس التي ينشأ فيها الفرد في تشكيل شخصيته و هويته الذاتيه والتعامل مع الأعراض أو السلوكات الظاهرة التي يمكن ملاحظتها و رصدها مخبرياً أو عياديا .
من أبرز مفاهيم الاتجاه السلوكي الكثيرة: الاشراط الكلاسيكي و الاجرائي و التعزيز الايجابي والسلبي و قانون الأثر و العقاب و الغمر و التدريب التوكيدي و إزالة الحساسية بانتظام و الفاعلية الذاتية ....الخ .
6 – مرحلة الاتجاه الانساني و التي يعتقد كيرون أنها ظهرت كردة فعل على سابقتيها التحليلية و السلوكيه، و يمكن أن يضاف لها الاتجاه الوجودي حيث التركيز على قدرات الفرد و إمكاناته الذاتية و تصوراته عن نفسه و عن طاقاته الشخصية و عن مكونات بيئته و معنى حياته و قيمتها بالنسبة له .
و من ابرز الرواد في هاتين المدرستبن ا : ماسلو و روجرز في الانسانية ؛ فرانكل في الوجوديه.
7 – مرحلة الإتجاه المعرفي و التي تركز نظرياتها على اهمية دور العمليات الإدراكية و وظائف الأنشطة العقلية كالتحليل و التفكير و التذكر و الانتباه و حل المشكلات وتفسير المثيرات و المتغيرات و كيفية تنظيمها و إدراكها ..الخ.
من أبرز روادها فيرتهايمر و كوفكا و كوهلر و الذين كان لهم ايضا إسهامات عظيمة في تطوير نظرية الجشطلت ، إضافة إلى إروون بك على المستوى العلاجي.
فروع علم النفس و مجالاته الرئيسة:
سنقصر الحديث هنا على أهم هذه الفروع و أكثرها شيوعا ، ولكن ليس كلها بطبيعة الحال مع التأكيد على خطأ المفهوم الشائع أو النظرة النمطية لعلم النفس بمختلف فروعه و التي تربطه في أذهان الكثير من الناس بالمرض أو الاضطراب النفسي -علما بأن المتخصصين في علم النفس العيادي و الإرشادي الأكثر تعاملا مع المرضى- ؛ وهو إعتقاد خاطئ لكنه شائع مع الأسف ، وسيتضح من عرض الهدف الرئيس و المختصر جدا لكل فرع من الفروع العشرة أدناه دقة هذا الكلام و صحته .
1 – علم النفس العيادي: و يهتم المختصون فيه – والذين يتلقون تأهيلا طويلا علميا و عمليا
- بتشخيص و علاج حالات تعاني من الاضطرابات النفسية و أغلب أنشطتهم و أعمالهم تتم في بيئات صحية نفسية.
2 – علم النفس الارشادي: و يهتم المختصون فيه بعمل الاجراءات الوقائية و الارشادية للأفراد العاديين – في الغالب – و الذين يستفيدون من خدمات مختلف المؤسسات المجتمعية كالمدارس و المعاهد و الجامعات و دور الرعاية و الخدمات الاجتماعية إضافة لبعض المراكز الصحية و كذلك المراكز الأمنية.
3 – علم النفس التربوي: و يهتم بكل ما يتعلق بالعملية التعليمية على مستوى الإدارة الصفية أو المدرسية او المعلمين و الطلبة و زيادة دافعيتهم و تطوير مهارات التفكير الناقد لديهم و حل المشكلات الدراسية، و كذلك يمكن أن يدخل تحت مظلته التقويم و القياس التربوي للتحصيل و إعداد الاختبارات و المقاييس .
4 –علم النفس الاجتماعي: و يهتم المشتغلون فيه بالتعرف على اتجاهات الناس و مهارات و وسائل تواصلهم و ديناميات سلوكات الجماعة و خصائصها النفسية وأنماط تفاعل الافراد في تلك الجماعات.
5 – علم النفس التجريبي: و يهتمون المختصون فيه بتصميم البحوث و اجراء التجارب لقياس عمليات مثل الادراكات و الاحاسيس و الدافعية و الذاكرة.
6 – علم النفس العصبي و الفسيولوجي: و يهتم المختصون فيه بتقديم تفسيرات فسيولجية و عصبية أو عضوية للسلوك الانساني كما أنهم يدرسون الوظائف العليا للدماغ والجهاز العصبي المركزي والنواقل العصبية و الدور البيولوجي عامة و تأثيره في تصرفات الناس و سلوكاتهم .
7- علم النفس التنظيمي والصناعي: و يهتم بتطوير البرامج التي تساعد الأفراد على الرفع من مستوى انتاجيتهم في مهنهم وترفع من دافعيتهم و روحهم المعنوية لتحقيق التوافق و الرضى الوظيفي في بيئة عملهم .
8 – علم نفس النمو ويدرس مراحل النمو التي يمر بها الفرد من الولادة حتى الوفاة و خصائص كل مرحلة مثل الطفولة و المراهقة و الرشد و الشيخوخه.
9 – علم نفس الشخصية: و يدرس خصائص شخصية الفرد و قياس الفروق الفردية بين الافراد في مختلف جوانب الشخصية مثل القدرات العقلية و الادراكات و الاحاسيس و الانفعالات و السلوكات.
11 – علم نفس الصحة: و يهتم بتطوير مفاهيم و اتجاهات الناس نحو العادات و السلوكات و أساليب الحياة الصحية السليمة و تكوين العادات و السلوكات المرغوبة و المستدامة.



Comments